تأسست تعاونية تلاسمطان، بمبادرة ودعم من جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بشفشاون ، في إطار المشاريع المدرة للدخل، تقول رئيستها، حفيظة أزيت، موضحة أنها ضمت، منذ تأسيسها، حوالي 30 متعاونة، من بينهن ربات البيوت جعلن من الدرازة والنسيج موردا لتوفير دخل قار يساهم في تحسين ظروفهن الاجتماعية. حرصت التعاونية، في البداية، على تكوين فتيات غادرن المؤسسات التعليمية، في إطار التكوين بالتدرج، بهدف فتح فرص للشغل والاعتماد على استقلالية ذاتية في تلبية ما يحتجنه.
تحسين الظروف الاجتماعية
أكدت حفيظة أزيت أن دخل المتعاونات يتفاوت حسب إنتاجهن اليومي، إذ كلما ارتفع عدد القطع، التي تنتجه كل واحدة ترتفع المبالغ المالية المحصل عليها، كما يرتفع الطلب على المنتوجات التقليدية حسب المواسم.
وتعمل المتعاونات، حسب برامجهن اليومية، وحسب القطع التي سينسجنها، إذ هناك من تعمل بمقر التعاونية، التي تتوفر على 6 «مرمات» للنسيج، كما أن هناك من تشتغل في بيتها. ويرتفع هامش الربح بالنسبة للمتعاونة حسب نوعية المنتوجات التي تضم مناديل وأغطية وملابس وديكورات، تقول حفيظة أزيت، مؤكدة أن هذه الصناعة ساهمت في تحسين الظروف الاجتماعية للمنخرطات، كما ساعدت على توفير فرص للشغل بالنسبة لفئة واسعة من الحرفيين بالمدينة.
تطوير صناعة المنديل الشفشاوني
عملت التعاونية منذ بدايتها على تطوير صناعة المنديل الشفشاوني، الذي يعد خاصية اللباس التقليدي عند نساء المنطقة، تقول حفيظة أزيت، مشيرة إلى أنه إضافة إلى تنويع الملابس والأغطية الصوفية التقليدية، بهدف الرفع من مستوى تسويقها، ركزت التعاونية اهتمامها بـ»التزارة» في إطار الحفاظ على هذا الموروث من الإهمال خاصة بعد دخول الصناعات العصرية لقطاع النسيج.
ويعود الاهتمام بالمنديل الشفشاوني إلى دلالات استعماله من طرف نساء المنطقة، إذ أنه يستعمل داخل وخارج البيت، ويعبر ارتداؤه عن الوقار والحشمة بالنسبة للعروس خلال حفلات الزفاف، كما يدل على العفة حين ترتديه المرأة، خاصة في المناطق القروية الشمالية، التي شهدت نزوح سكان الأندلس.
يعود استعمال المنديل الصوفي أو ما يعرف بين الشاونيات بـ»التزارة» إلى عادات وتقاليد «الزمن الغابر» تقول حفيظة أزيت، مشيرة إلى أن المنديل الشاوني يتميز بخطوطه العريضة وحجمه الكبير.
ربطت حفيظة أزيت مهنتها بتربيتها منذ نعومة أظافرها، إذ أن جدتها حرصت على تلقينها مثل باقي أخواتها «الصنعة»، حرصا على تفعيل المقولة المتداولة بين الأسر المغربية المعروفة بـ»الصنعة لا ما غنات تعييش»، وحفاظا على هذا الموروث من الانقراض.
إلى جانب المنديل برعت نساء التعاونية، حسب أزيت، في ابتكار نماذج جديدة للأغطية بما فيها أغطية المصابيح، وغلافات الوسادات، واللوحات النسيجية على مختلف الألوان والأشكال، وهي منتوجات غاية في الدقة والجمال ما يعبر عن مدى قدرة المرأة الشفشاونية أو ما يعرف بـ «المعلمة» على الخلق والإبداع.
تسويق منتوجات التعاونية
تتوصل التعاونية بعروض من دار الضيافة ومن الفنادق المنتشرة داخل المدينة وبالمناطق المجاورة لها، وترتفع ساعات العمل بالنسبة للمتعاونات سواء بمقر التعاونية أو بمنازلهن، في إطار الالتزام بالمواعيد المحددة لتسليم البضاعة.
وتتنوع المنتوجات التي توجهها التعاونية لهذه المؤسسات السياحية، تقول حفيظة أزيت، بين أغطية للأسرة وموائد الأكل، وأرائك ونوافذ وأبواب، فيما تحرص المتعاونات على توفير عدد من العوامل التي تساهم في تقديم منتوجات رائعة الجمال.
المشاركة في المعارض
شاركت تعاونية تلاسمطان منذ تأسيسها في أزيد من 20 معرضا، تقول بشرى أزيت، نائبة رئيسة التعاونية نفسها في حديث لـ»تدبير»، مشيرة إلى أن هذه المعارض ساهمت كلها في التعريف بمنتوجاتها كما ساهمت في تحسين المبيعات، خاصة أن جل المتعاونات يفضلن العمل «في الخفاء» موضحة أن أغلبيتهن يرفضن التواصل مباشرة مع الزبائن في المعارض، كما يستحسن عدم التواصل مع وسائل الإعلام.
تتوفر التعاونية على 6 «مرمات» لصناعة المنتوجات الصوفية، تقول بشرى أزيت، موضحة أن المتعاونات يحرصن على استعمال الصوف في عدد من القطع المتعلقة بالتجهيز المنزلي، بما فيها أغشية الوسادات والأسرة والمحفظات، في إطار تطوير الاستعمال ومسايرة التطورات التي تمس الحياة اليومية.
تحتل صناعة المناديل مرتبة متقدمة في صناعة النسيج بمدينة شفشاون إذ يباع هذا المنتوج بالسوق المحلي وبأسواق المدينة والبادية على حد سواء، وهو يتنوع حسب المواد المستعملة، إذ نجد منديل القطن، ومنديل الحرير ومنديل الصوف، وتنتج المعلمة بين منديل و3 مناديل في اليوم الواحد.
المواد الأولية
تقتني التعاونية الخيوط الصوفية جاهزة للاستعمال من المحلات التجارية المنتشرة في أسواق المدينة، حسب بشرى أزيت، أن هناك يد عاملة تسهر على غسل الصوف وتحضيره بعد مروره بعملية الغزل.
تشير بعض الدراسات إلى أن المواد الأولية التي يجري الاعتماد عليها في الدرازة والنسيج كانت تباع قديما في سوق الغزل بمدينة شفشاون. وكانت هناك أعراف خاصة بهذا السوق. وتنظم هذه السوق مرتين في الأسبوع، صباح يومي الاثنين والخميس، قرب ضريح «سيدي بلحسن» وبحي السويقة في فصل الشتاء خلال هطول الأمطار.
وتضيف هذه الدراسات أن الدرازة من بين الحرف الإنتاجية، التي ساهمت في تشغيل نسبة مهمة من اليد العاملة ليس في شفشاون فقط بل في جل المدن العتيقة، خلال العقود السابقة، بسبب ازدهارها وارتفاع وتيرة الطلب على موادها.
وتشير بعض الروايات إلى أن شفشاون كانت تضم أزيد من 200 محل مخصص للدرازة إلى جانب عدد من الصناع والصانعات، الذين كانوا يزاولون العمل بمنازلهم، خاصة في أحياء المدينة القديمة.
ويلاحظ أن هناك عودة إلى الاهتمام بهذه الصناعة، بعد إصلاح و توسيع مجمع الصناعة التقليدية، إذ جرى إحداث شعب للدرازة ببعض الجمعيات الفاعلة بالمدينة من بينها جمعية تلاسمطان، والمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين، وجمعية الصداقة، والجمعية اليوسفية